BitBonds - بيت بوندز: سيمفونية أمريكا الجديدة

كعادتها على مر العصور، تبحث الولايات المتحدة الأمريكية دائمًا عن الريادة الاقتصادية والمالية عن طريق ربط اقتصادها وعملتها بالأكثر جذبًا او احتياجًا مستقبلًا. لعبت الولايات المتحدة هذا الدور مرارً منذ ربط الدولار بالذهب ووضعه على قائمة العملات كمعيار لتسوية المعاملات وبناء الاحتياطيات النقدية.

ومع عدم قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بتبادل الدولار بالذهب، وتخليها عن اتفاقية بريتون وودز بعد مرور أكثر من ربع قرن عليها، بدأت في التفكير عن بديل قوي سند لعملتها التي أعطتها قوة دولية.

انتهاء قوة البترول في دعم الدولار

من هنا بدأ عصر البترودولار من السبعينيات لوقتنا هذا، لكن كالعادة لكل شيء أجل، فلم يعد البترول محفز قوي وأداة يستند عليها الدولار فمعدل نمو الإنتاج للنفط خلال 50 عام نحو 76% (من 58.7 مليون برميل يوميًا في 1974 إلى 103.5 مليون برميل يوميًا خلال 2024) أضف على ذلك نمو أسعار النفط في نفس الفترة من 12 دولار للبرميل إلى 73 دولار حتى كتابة هذه السطور أي نحو 6 أضعاف، ويعني ذلك أن قوة البترول تضاعفت 4.5 مرات فقط (محصل ضرب تضاعف السعر × الإنتاج) خلال 50 عام، لكن في المقابل تضاعف الناتج المحلي العالمي خلال نفس الفترة أكثر من 20 مرة (من 5.4 تريليون إلى 110 تريليون دولار) لذلك لم يعد البترول أداة حاسمة في الاقتصاد الدولي كالسابق.

وماذا بعد؟

جميع ما سبق تشكل لدى الولايات المتحدة في شكل إضعاف للعملة في عدد لا حصر له من الأزمات العالمية والانهيارات (وهنا أتحدث عن الكوارث غير المفتعلة فقط) هذه العملة في الحقيقة تستند عليها الولايات المتحدة في تمويل ديونها، فقوة الدولار يعني قوة السندات التي تغذي النفقات الأمريكية، لكن ماذا بعد؟

التخلي العالمي وإن كان بطيئًا، عن العملة الأمريكية، والسندات التي لم تعد بنفس قوة الجاذبية في ظل اقتصاد ربما يتهاوى بين ليلة وضحاها، أصبح الشغل الشاغل للأمريكان للبحث عن حل جديد، وعن وسيلة لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي لـ 20 عام قادمة

في العصر المعاصر، كان هذا الحل في الربط بالعملات الرقمية وتحديدًا البتكوين (والتي ليس بالبعيد كانت تجربة أمريكية منذ 2009 للإنقاذ المستقبلي ربما ولكن غير مؤكد) ولكن كيف سيتم ذلك؟

مع تجاوز الدين العام الأمريكي حاجز 35 تريليون دولار، وتزايد الحاجة لإعادة تمويل ديون تتجاوز 14 تريليون دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، بحثت وزارة الخزانة الأمريكية عن حلول غير تقليدية. في ظل هذه المعادلة المعقدة، ظهر اقتراح ثوري يُعرف باسم BitBonds - بيت بوندز — وهو أداة مالية هجينة تمزج بين استقرار السندات الحكومية وإمكانات النمو غير المسبوقة لعملة البيتكوين.

ما هي  BitBonds - بيت بوندز؟

BitBonds - بيت بوندز هي سندات خزانة جديدة تم تصميمها لاحتواء عنصرين:

• 90% من عائدات شراء سندات البتكوين تُستخدم لتمويل الحكومة بفائدة سنوية ثابتة (حوالي 1٪)
• 10% من العائدات تُخصص لشراء عملة البيتكوين وتخزينها في احتياطي استراتيجي.

يضمن هذا النموذج حماية رأس المال للمستثمرين، ويُقدم إمكانية تحقيق مكاسب من ارتفاع سعر البيتكوين. وعلى عكس أدوات الدين التقليدية، تُضيف BitBonds - بت بوند بعدًا رقمياً جديدًا يمكن أن يُعيد تشكيل تمويل الحكومات في العصر الرقمي.

آلية العائد: حماية رأس المال مع مكافأة رقمية

يحصل المستثمر في BitBonds - بيت بوندز على 3 عناصر عند الاستحقاق (عادة بعد 10 سنوات)

1. فائدة سنوية مضمونة بنسبة 1٪.
2. مكاسب كاملة من البيتكوين حتى حد عائد مركب قدره 4.5٪.
3.  ٪50 من أي أرباح إضافية في سعر البيتكوين بعد هذا الحد.

حتى في أسوأ سيناريو، حيث تنخفض قيمة البيتكوين إلى الصفر، فإن الحكومة الأمريكية تضمن إعادة كامل المبلغ الأساسي والفوائد، مما يجعل السند أداة منخفضة المخاطر نسبيًا مقارنة بالاستثمار المباشر في الأصول الرقمية.

الفوائد الاقتصادية للحكومة الأمريكية

1. تخفيض الفائدة على الدين العام

من خلال إصدار سندات بفائدة 1٪ بدلاً من 4.5٪، يمكن لوزارة الخزانة أن تحقق وفورات هائلة. 
على سبيل المثال، إصدار سندات BitBonds - بيت بوندز بقيمة 2 تريليون دولار قد يوفر ما يقارب 700 مليار دولار على مدار 10 سنوات.

2. بناء احتياطي وطني من البيتكوين

يمثل استخدام 10٪ من عائدات السندات لشراء بتكوين وسيلة غير مباشرة لاقتناء الأصل دون التأثير على الميزانية العامة، كما يُتيح للحكومة الاستفادة من أصول مستقبلية دون تعريض الخزانة لمخاطر مباشرة.

3. مشاركة المستثمر في العوائد

ارتفاع سعر البيتكوين الذي يزيد عن معدل 4.5% تتقاسمه الولايات المتحدة مع المستثمر، أي أن حينما يرتفع سعر البيتكوين من 100 ألف دولار إلى 105 ألف دولار سيكون للولايات المتحدة ما يعادل 250 دولار كربح إضافي، في حال استمرت معدلات الفائدة 4.5%، وهي المعدلات التي من المحتمل تحريكها وفقًا للمعطيات.

4. الاستفادة في حالتي الانخفاض والارتفاع لسعر البتكوين

سعر البتكوين مقوم بالدولار، لذلك ارتفاع البتكوين سيؤدي للنقاط رقم 2 + 3 السابقين، لكن في حالة انخفاض السعر تستفيد الولايات المتحدة من اتجاه خر وهو أن قيمة الدولار المرتبطة ارتباط عكسي بسعرالبتكوين المباشر، سترتفع، وحينها يستطيع الفيدرالي خفض الفائدة وبالتالي خفض تكلفة الاقتراض.

وفي كل الحالات تستفيد الولايات المتحدة من رقم 1 سابقة الذكر.

الفرصة للمستثمرين الأفراد والمؤسسات

BitBonds - بيت بوندز ليست فقط للمؤسسات الكبرى؛ بل تمتد فائدتها إلى الأفراد والعائلات، يُخطط المقترح لإعفاء المكاسب من الضرائب، كما هو الحال مع السندات البلدية، مما يجعلها أداة ادخار فعالة للتقاعد والتعليم.

حتى في سيناريو محافظ، حيث تنمو البيتكوين بنسبة 30٪ سنويًا، يمكن للمستثمر أن يحقق عائدًا مركبًا سنويًا يصل إلى 7٪. وفي السيناريوهات المتفائلة، قد تتجاوز العوائد 17٪ سنويًا، مما يجعل BitBonds - بيت بوندز جذابة لمجموعة واسعة من المستثمرين.

التحليل الفني والاستراتيجي

مقارنة مع سندات الشركات القابلة للتحويل

تستلهم BitBonds - بيت بوندز من نموذج مايكروستراتيجي، حيث أصدرت الشركة سندات قابلة للتحويل لشراء بيتكوين، لكن BitBonds - بيت بوندز تُحسن النموذج من خلال تقديم حماية رأس المال بالكامل، مما يُخفض مستوى المخاطر بشكل كبير.

أداة للسيادة النقدية

من خلال تملك الحكومة الأمريكية للبيتكوين، يمكن تقليل الاعتماد على الدائنين الأجانب، وتكوين أصل رقمي مضاد للتضخم يعزز من قوة الدولار عالميًا، أضف إلى ذلك أن لا مركزية بتتكوين تمنحها مساحة تحكم أقل من قِبل الدول، ويعني ذلك ضعف أو عدم تمكن أي دولة معادية للولايات المتحدة من التحكم في الأموال المستثمرة من مواطنيها في هذه النوعية من السندات.

التحديات والمخاطر التنظيمية والتقنية

رغم الفوائد الكبيرة، تواجه BitBonds - بيت بوندز عددًا من التحديات:

• التقلب العالي للبيتكوين: قد يؤثر على تقيّيم العوائد ويُثني بعض المستثمرين المتحفظين.
• المخاوف التشريعية: إصدار مثل هذه الأداة يتطلب موافقة من الكونجرس وتنسيق مع جهات تنظيمية مثل SEC وIRS.
• البنية التحتية السيبرانية: تتطلب إدارة احتياطي البيتكوين نظامًا متقدمًا لحمايته من الاختراقات.
• التنفيذ الفني: إصدار 10٪ إضافية من السندات لتغطية شراء البيتكوين قد يُشكل ضغطًا على الأسواق التقليدية.
• قدرة  الدول الأخرى من فعل ذات الأمر مع البتكوين أو عملات رقمية أخرى، وبناء على نجاح ذلك  يضعف  من  الأداء المتوقع لهذه السندات لدى الولايات المتحدة

التأثير العالمي: فرصة أم تهديد؟

تبنّي BitBonds - بيت بوندز من قِبل الولايات المتحدة قد يُحدث تأثيرًا عالميًا واسعًا:

• قد تُلهم دولًا أخرى بإصدار أدوات مماثلة، مما يُعيد تشكيل النظام المالي العالمي، كما أشارت سابقًا.
• تبنّي عالمي واسع للسندات الرقمية.
• في حال نجاح التجربة، قد يتحول البيتكوين إلى أصل احتياطي عالمي يُنافس الذهب.
• أما في حال الفشل، فقد يُعرّض الدولار الأمريكي لاهتزاز في الثقة، ويُسهم في تعزيز مكانة عملات بديلة مثل اليوان أو اليورو، رغم أن نسبة الـ10% التي تبدأ بها الولايات المتحدة وتكوين احتياطي عملات رقمية من بتكوين بإجمالي 200 ألف عملة قبل القيام بذلك، كفيلين بالعودة بشكل فعّال؛ وإعادة هيكلة السند وربطه بأصول أخرى حال حدوث أي فشل أو ظهور أي تداعيات سلبية، دون حدوث ضرر بالغ.

: BitBonds - بيت بوندز كجسر بين عصرين

تُعتبر BitBonds - بيت بوندز خطوة جريئة في عالم التمويل، حيث تلتقي أدوات الدين التقليدية مع اقتصاد العملات الرقمية، في حال تنفيذها بحكمة، ولا سيّما مع اقتراب سعر بتكوين من 100 ألف دولار وفي ظل وجود 21 مليون عملة بتكوين سيعني ذلك قيمة سوقية للبتكوين بنحو 2.1 تريليون دولار، وفي حال تضاعفت قيمتها 10 مرات سيمثل ذلك 21 تريليون دولار.

 قد تُوفر هذه السندات فرصة نادرة لإعادة بناء الثقة في الاقتصاد الأمريكي، وخفض عبء الدين، وتكوين أصول وطنية رقمية للمستقبل، لذلك أنا أطلق عليها سيمفونية أمريكا الجديدة، لكن النجاح مرهون بالتنفيذ المدروس، والشفافية، والتعاون بين الجهات التشريعية والمالية والتقنية، إن BitBonds - بيت بوندز ليست مجرد أداة مالية؛ إنها رؤية جديدة لمفهوم المال والسيادة الاقتصادية في العصر الرقمي.

 لكن في حقيقة الأمرهو مخدر اقتصادي في الغالب سيمحو الألم الاقتصادي التي لطالما حاولت الولايات المتحدة إخفائه، لفترة 100 عام وذلك على أساس أن هذا المخدر سيظل في جسد الدولة لعام 2045 ميلاديًا، وستظل معه أمريكا إن أذن الله، في صورة الهيرو الخارق صاحب السيادة، لكن متى تعي الولايات المتحدة أن الربط مع الحقائق والاقتصاد الحقيقي أجدى بكثير، وأن لا يزال الوقت لم ينتهي بعد لبناء مثل هذا، وأن الفوائد الربوية التي تغذى عليها الاقتصاد الأمريكي لقرون، لم تكن أبدًا حل أو نصاحة اقتصادية بل ورطة بسببها يخشى الأمريكان الوقع بلا عودة!

أكبر دليل على ذلك  BitBonds - بيت بوندز التي أصبح جزء منها يعبر عن المشاركة الربحية في العوائد، هذا الجزء غير مؤكد عوائده فهو رههين السوق والزمن، فلربما نرى يومًا ما عملية اقتراض كاملة بعائد متوقع وليس ثابت، هذه المرونة حينها + الربط الحقيقي للاقتصاد + استخدام التكنولوجيا بعملات رقمية مركزية والتي تحدثت عنها كثيرًا في السابق، هي الحل الأمثل لإنقاذ العالم من وحل اوشكنا على الوقوع فيه، والذي دومًا يكون ثمنه الحروب والدماء والكوارث!

هذا ولا يعني حديثي التخلي عن البنوك التجارية أو أنظمة المصارف وربحياتها، بل تحويل دورها وآلياتها من خلال صورة اقتصاد لا ضرر فيه ولا ضرار.

هذا وللحديث باقية عن الأضرار غير المباشرة وغير المرئية لـ BitBonds - بيت بوند إن شاء الله 

/ أحمد حسن عبد الكريم